الرئيسية / الفنون السبعة / مهرجان نوار الملح: معركة لخلق فن بديل يحارب الرداءة

مهرجان نوار الملح: معركة لخلق فن بديل يحارب الرداءة

إنّ مفهوم الثقافة والمجتمع يتكاملان ولا ينفصلان فلا وجود للثقافة لولا وجود مجتمعات تتبنّاها، ولا وجود لمجتمعات دون ثقافة تنظّمها، كي لا تتحوّل بدورها إلى مجتمعات نكرة تفتقد أبسط مكوّناتها من الموروث الثقافي وبالذات الفن الذي يعدّ وسيلة اتصال بين الناس في المجتمع، وبالتالي أيّ محاولات للفصل ما بين مفهوم الثقافة والمجتمع ستذهب سدىً. كما هو حال الإنسان إذ يتأثر بعوامل خارجيّة، كذلك الثقافة والمجتمع تتعرّضان اليوم للعديد من التحديات، ولعلّ أبرزها هو التحدّي لزمن الرداءة، الأمر الذي أفقد المجتمعات خصوصيّاتها الثقافية وأسقطها بين براثم التفاهة والبذاءة والسفاهة ليصبح الإنسان مغتربا في مجتمعه.

كل هذه السلبيات تدفع الى خلق فكرة مشروع فريدة ومتميّزة ولدت من رحم المعاناة لتكرّس مبدأ العدالة الاجتماعية في الثقافة. تمثّلت الفكرة في مهرجان ثقافي إجتماعي غير ربحي يقلب المعيش إلى الألاّمعيش، واللاّمبالاة إلى المبالاة، ليتمّ التطرّق إلى الطبقة الاجتماعية المهمّشة والفئات الشعبيّة التي استسلمت إلى ما هو سائد أنّها فئة كادحة لا علاقة لها بالثقافة. الثقافة هي حق يكفله الدستور لكل الفئات وليست حكرا على فئة دون غيرها.

مهرجان “نوّار الملح” هو بادرة آمنت بها وزارة الشؤون الاجتماعية وسعت جاهدة لفرضها على أرض الواقع ووصل الموجود بالمنشود، مضمونها الوفاء للطبقة الاجتماعية المهمشة وبالتحديد أبناء منظوريها المنتفعين ببرنامج الأمان الاجتماعي سواء من أبناء العائلات المعوزة أو محدودة الدخل أو من ذوي الإعاقة داخل تونس وخارجها من أبناء المهاجرين والمقيمين بالخارج لصقل مواهبهم في شتّى المجالات الثقافية والابداعية.

مهرجان “نوّار الملح” يخرج من الأطر التقليدية للمهرجانات الثقافية ليكسب الفئات الهشة قيمة مركزية ويجلسهم مكان كبار الشخصيات والنخبة. كما يعطي الفرصة لشباب وأطفال تلك الفئات لإبراز إبداعاتهم ومواهبهم والأخذ بأياديهم لصقل تلك المواهب ومرافقتهم لتحقيقها على أرض الواقع.

لا يكتفي هذا المهرجان بصقل مواهب شباب المستقبل بل يدعم وجود الفنّانين المنسيّين الذين ظلموا في قطاعهم جرّاء انتفاء صفة التظاهرة الثقافية من المهرجانات الفنية والتصاق صفة التظاهرة التجارية من خلال ارتكازها على المكسب الربحي. هذان الهدفان هما “نوّار الملح” أي الفئة الكادحة المنسيّة.

“نوّار الملح” كما سبق أن ذكرت هو وصل الموجود بالمنشود. الموجود هو المهرجان والمنشود المضمون الراقي غير التجاري و لا الربحي. يسمو هذا المشروع بالفن إلى الرقي الفكري ليصبح معركة لخلق فن بديل يحارب الرداءة.

من هنا يبرز دور وزارة الشؤون الاجتماعية في تحديد مفهوم الفن وما يتناسب معه من معايير وأخلاقيّات تعمل على التصدّي لكلّ ما هو دخيل عليه ولا يناسب معه من رداءة وسفاهة تسقط من القيمة الثقافية للمجتمع.

هذا المهرجان هو حلمة تجوب ولايات تونس والقيروان والكاف وتوزر في هذه الدورة التأسيسية طيلة 6 أيام تنطلق من 23 أوت 2023 الى غاية 27 من نفس الشهر لتقديم عروضا فنيّة محترمة.

وصرّحت هيئة تنظيم المهرجان أنّ اختيار الجهات لم تخضع لمعايير إقصائية إنّما وردت بطريقة اعتباطية تجوب كل جهات تونس الجمهورية شمالا وجنوبا ووسطا وتحضى بقية الجهات بفرصة احتضان المهرجان في قادم الدورات.

وأفادت لجنة تنظيم الدورة الأولى لمهرجان “نوار الملح”، أن اختيار الولايات والمناطق التي ستقام بها العروض لم يخضع لمعايير تقصي أيا من الجهات واقتصرت العروض في أول دورة على اختيار ولايات تمثّل أقاليم الجنوب والشمال والوسط، مؤكدة، نيتها تعميم تنظيم العروض لتشمل باقي الجهات في قادم الدورات.
وفي الحديث عن الجانب المالي، تمّ التأكيد على رمزية المهرجان الذي يقام بميزانية تقدّر بحوالي 300 ألف دينار تونسي التي لا تضاهي كلفة عرض واحد لأحد الفنانين، وبدعم من اليونيسيف بـ5 ملايين وكذلك دعم من شركة “عجيل” حسب ما صرّحت به المكلفة بالاعلام بوزارة الشؤون الاجتماعية وفاء الهمامي مشدّدة على مجانية معظم العروض وأسعار رمزية لبقية العروض الأخرى (20د) إضافة إلى توفير الحافلات.

عن هاجر عزّوني

شاهد أيضاً

فيلم العيد “فوفعة” لابراهيم اللطيف في قاعات السينما التونسية بداية من يوم 12 افريل

تحتضن قاعة الكوليزي بالعاصمة يوم الاثنين 8 افريل 2024 العرض الأول لفيلم فوفعة لابراهيم اللطيف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *